الدراما التليفزيونية بما أنها باتت تشكل وعي أغلب أفراد المجتمع وتستغرق الحيز الكبير من اهتماماتهم.
بل وتعتبر بالنسبة لشرائح كثيرة من وسائل التسلية والترويح فإنهاـ بكل ما تمثلهـ تصبح أمانة ومسؤولية في عنق كاتب العمل الدرامي سيسأل عنها أمام الشعب وأمام الله يوم القيامة.
ومع ما تمثله الدراما من تأثير وجاذبية فإن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن تبتعد عن القيم والأخلاق بل لابد أن تكون دافعة لها.
لكن الدراما المصرية تدنت وتدنت حتى أصبحت مرادفة لـ " قلة الأدب " وإذا ما صرحنا بذلك جاء من يتفلسف منادياً بالواقعية وكشف أمراض المجتمع!!
الكاتب الأستاذ مصطفى النجار يرد على أصحاب نظرية " الواقعية " فيقول:
تلك تبريرات ساذجة ومسمومة لأناس يهبطون بالمجتمع إلى الهاوية مع سبق الإصرار والترصد.
ويرصد جانباً من إسفاف الدراما الرمضانية هذا العام على سبيل المثال فيقول: انحلال أخلاقي وألفاظ سوقية يلفظ بها نجوم كبار يتخذهم الشباب قدوة.. كيف طاوعت الأقلام مؤلفي هذه الأعمال فتكتب أقذر الألفاظ!
ألا يتوارى الفنانون خجلا وهم ينطقون هذه الألفاظ التي تتردد على القنوات ليل نهار.. أم أن حمرة الخجل لا تعرف إلى وجوههم طريقاً؟
ما هذا التمادي في توضيح طريقة إدمان المخدرات وضرب الحقن خطوة بخطوة؟ لعنة الله على الواقعية إذا خرجت بهذا الشكل الذي يدعو لتعلم الإدمان وليس الخلاص منه.
أظهرت الدراما الرمضانيةـ ورمضان منها براءـ وكأن فئات المجتمع يعيشون في انحلال.. فهم إما نصابون أو مجرمون أو مدمنون ضائعون.
حتى المرأة، التي هي الأم والأخت والزوجة والابنة والخالة والعمة والجارة، ظهرت في عدد من المسلسلات كأنها المسخ يقتل ويسرق ويحبك المؤامرات!
وهنا ضاعت صورة المرأة العفيفة الفاضلة الناجحة واستبدل بها المرأة التي لا تعرف في الحياة سوى العري والرقص والقتل والسرقة والإدمان.
ويضيف النجار: للأسف كل من يشاهد الدراما المصرية سيجد أنها تهوي بأخلاق المصريين ومعظمها يدور في " الغرز " وفي " غرف الفنادق " أو " على الأسرة " وفي " الكباريهات".
وكأنها كانت مباراة في فن " الابتذال "، و " قلة الأدب " بين نجوم المسلسلات.. من يشتم أكثر؟ من يستخدم الألفاظ الأكثر قبحاً؟ من ضاعت منها حمرة الخجل فتلجأ إلى الإشارات والإيحاءات الفاجرة أكثر من غيرها..
وعن تأثير هذه " الواقعية " المدعاة على أفراد المجتمع، يقول د. رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية ونائب رئيس جامعة حلوان سابقاً:
من الممكن جداً على البنات في المجتمع أن يحاولن تقليد ما يشاهدنه وخاصة الفتيات من الأسر الفقيرة فينحرفن متأثرات بالرسالة الإعلامية السلبية التي تركز على " الجنس " والسير الذاتية للراقصات والغانيات، وهذه كلها عوامل تشكل كياناً ثقافياً لدى النشء والشباب ما يمثل بيئة خصبة للانحراف.
ويعترف أستاذ تنظيم المجتمع بأن المجتمع حدث فيه خلل قيمي وانفلات في السلوكيات، لكن الواجب والمسؤولية يحتمان العلاج بالدراما الجيدة الهادفة وليس بالدراما التجارية الرخيصة التي تركز على الغرائز الجنسية.
وأخيراً يطالب د. رشاد عبد اللطيف كتاب الدراما والرقابة القائمة عليها بالتركيز على العمل القيمي الإيجابي الذي يحيي النفوس ويبث فيها الأمل في غد مشرق بناء ولا يجرف العقل ولا يشوه العقائد ولا يعرض مبادىء وقيم المجتمع إلى الانحراف.
الكاتب: منى ثابت
المصدر: موقع المستشار